-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ضمن عدد خاص لمجلّة "مركز الجزيرة" بالدوحة

الذكاء الاصطناعي والحدود المفتوحة للمستقبل

ع.ع
  • 558
  • 0
الذكاء الاصطناعي والحدود المفتوحة للمستقبل

سلطت مجلة “لباب” في عددها الأخير الضوء على ملف الذكاء الاصطناعي، من خلال محاور أساسية تناولت جوانب مختلفة من الظاهرة.

 وجاء أول بحث في المجلة الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات في عددها العشرين حول موضوع “الذكاء الاصطناعي وتطوره وتطبيقاته وتحدياته في العالم المعاصر”، حيث فيه قدم الباحث استعراضًا موسعًا للذكاء الاصطناعي، للكشف عن تطوره المتسارع وتأثيره على العالم، واستعراض الخلفية التاريخية لظهوره والرغبة في فهم وتقليد الذكاء البشري، ثم استعراض مراحله التاريخية، مع التركيز على التقنيات والأساليب التي أسهمت في تطوره ونموه.

وفي سياق البحث، تم التعمق في مراحل الذكاء الاصطناعي الحالية، مثل الشبكات العصبية وتعلم الآلة والتعلم العميق، واستعرض مشاريع ومبادرات حديثة مع إبراز الابتكارات والتطورات التكنولوجية الحالية. تناول البحث أيضًا مجالات تطبيق الذكاء الاصطناعي المتعددة في القطاعات التي استفادت بشكل كبير من التقدم التكنولوجي في هذا المجال، مع تقديم أمثلة عملية من الواقع.

وقدم البحث وصفًا للفوائد الكبيرة التي قدمها الذكاء الاصطناعي للبشرية، مثل تحسين جودة الحياة والمساهمة في البحوث العلمية، إلى جانب التنويه بالمخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتأثيراته على سوق العمل، والوظائف، والمخاطر الأمنية والخصوصية.

دراسة أخرى، يقدمها هذا العدد الخاص تناولت تعريفًا بالمفاهيم والمصطلحات المتصلة بالذكاء الاصطناعي، وهي محاولة لتأسيس جهد معجمي لهذا الحقل المعرفي والصناعي والتقني، ويضم دليل مصطلحات الذكاء الاصطناعي، في هذه الدراسة الوصفية، مجموعة محددة ومنهجية من المصطلحات التي اختيرت بعناية لتقريب هذا الحقل الجديد إلى القارئ.

قدم الدليل تصورًا شاملًا للمصطلحات وتحليلاتها، فضلًا عن الوقوف على العلاقات المعقدة بين المفاهيم وتطبيقاتها العملية ويعرِّف المصطلحات تعريفًا دقيقًا، فيحلل أهمية المصطلح ويورد مثالًا تطبيقيًّا يسلط الضوء على استخدامه العملي.

بحث آخر في هذا العدد تناول تأثير الذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية؛ حيث من المتوقع أن تحصل انعطافات حادة في النظام الدولي، تشمل تأثيراتها الأفراد والدول، على حدٍّ سواء.

ويمتد هذا التأثير إلى مفاهيم وقواعد مثل سيادة الدولة، والديمقراطية، والدولة الحارسة، كما يشهد تحولات في مفاهيم القوة والأمن، وترتيب مكانة الدول في العالم، وسيكون من بين نتائج هذه النتيجة، أن تتحدد قوة الدولة، بمقدار تمكنها من إنتاج إمكانات الذكاء الاصطناعي، واستخدامها لتعويض ضعف عوامل الأمن القومي الأساسية فيها، ويفسر هذا السباق الحالي للسيطرة على موارد وقدرات التطور في حقل الذكاء الاصطناعي بين الدول الكبرى.

وفي المجال الاقتصادي، تناول بحث آخر المؤشرات الاقتصادية للذكاء الاصطناعي وأثره على أسواق العمل. وتبحث الدراسة في بيان إشكالية العلاقة بين التحديات التي يفرضها تصاعد موجات استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، وتوضيح مخاطر التشغيل الآلي “الأتمتة” على مستقبل الوظائف، وبيان حجم الإزاحة التي ستتعرض لها هذه المهن في سوق عمل دائمة التطور.

وفي جانب آخر، يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في نمو القدرات البشرية، وأثره في الارتقاء بمعدلات الإنتاجية وحجم الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الطلب على الوظائف، لاسيما تلك الوظائف التي تخلقها أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب آخر.

وفي المجال العسكري، تتناول دراسة أخرى أثر الذكاء الاصطناعي على حروب المستقبل، وتنبني استراتيجيات عسكرية وأمنية ووطنية جديدة كليًّا عما تعودت عليه القيادات المتوارثة. وقد أصبحت الحرب الروسية-الأوكرانية، ميدانًا لاختبار التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في الصراع المسلح، وفي الاستراتيجيات والتكتيكات القتالية، لاسيما بين القوى الكبرى.

وقد بات الذكاء الاصطناعي يتدخل في النظم التسليحية والدفاعية ويثير أسئلة جوهرية حول هذا الموضوع، منها: مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على إستراتيجيات الردع والردع المقابل، وهل هناك حدود لمدى ذكاء الآلات التي سنخولها اتخاذ القرارات المصيرية خلال الحروب؟ وما القدرات الفعلية لاستيعاب التطورات التقنية في العقيدة العسكرية للجيوش، وفي نظمها القتالية والتدريبية، وفي التمييز بين قدرات الجندي والآلة القتالية؟

وفي هذا العدد، جرى اختيار القراءة في كتاب لتتعلق بواحد من آخر الإصدارات في هذا الحقل وهي لكتاب فيلسوف التكنولوجيا البلجيكي، مارك كويكلبيرج، (الفلسفة السياسية للذكاء الاصطناعي) وفيه شرح لمفاهيم الحداثة السياسية واستكشاف المناقشات الرئيسية في ميدان التكنولوجيا الذكية.

ويتضمن الكتاب كيف تتأثر مختلف القضايا السياسية بتقنيات الذكاء الاصطناعي، ويكشف عن الطبيعة السياسية المتأصلة لهذه التكنولوجيا الحديثة. ويستمد الكتاب أهميته من أنه دعوة إلى ضرورة التفكير فيما توفره التكنولوجيا الذكية للإنسان وإمكانية خروجها الكامل عن سيطرته، التي تبقى محل تجاذب بين المتحمسين للفكرة والمقللين من أهميتها. ورغم القيمة المعرفية التي يتميز بها الكتاب، إلا أن صاحبه يبدو وكأنه يحمِّل الذكاء الاصطناعي متاهات الإنسان المعاصر السياسية، وأن الأمور ستفلت من بين يديه ويتمكن الذكاء الاصطناعي من القضاء على ما أسسته الحداثة السياسية منذ عصر الأنوار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!